السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
التيجان هي حتماً مسروقة من المعابد، وكل واحد منها تحفة فنية بحد ذاتها، فنحتها يتطلب شهوراً وقد كان العاملون في المعابد من «فناني» الأمبراطور. وهم نحتوا الصخر لإظهار أهمية وكبر آلهتهم، وليس الطاولات وقاعات الاستقبال! ويجيب المهندسان أنهما في بعض الأحيان مجبران بالنزول عند رغبة الزبون... ولكن يؤكدان أنهما يحاولان إقناعه بأشكال أخرى تعطي للمنزل والغرف العمق التاريخي الذي تخبئه القطعة في طياتها.
ينقل المهندسون المعماريون حبهم وشغفهم بالتحف الأثرية الى زبائنهم. فهم يشرحون لهم عن طريقة تصنيعها وعن تاريخها وعن أهمية اقتناء قطعة أثرية، ويشبّه غرزوزي ذلك بقوله «إنه امتلاك للتاريخ. فتصير قطعة عمرها آلاف السنين بمتناول يديك». وهل يسأل أصحاب البيوت عن مصدر هذه القطع؟ فكل التحف المعروضة في السوق وفي صالات العرض قد نُهبت من مواقع أثرية ينتشر البعض منها على الأراضي اللبنانية والبعض الآخر قد دخل السوق اللبناني «بالتهريب» ومصدره الأم سوريا أو تركيا أو العراق. تلك هي الأسئلة التي لا يطرحها مهندسو الديكور على أنفسهم، فهم يشترون قطعة «لهم الحق بامتلاكها، وهذا ما يؤكده التجار» كما يقولون .
ولكن قبل فترة قصيرة ، عُثر في منزل أحد الأثرياء في منطقة كسروان على رأس الملك سنوطرق، ملك مدينة الحضر الواقعة في العراق، معروضاً على الحائط.
أبلغ أهل الاختصاص، الذين تعرفوا على القطعة، أنها من التحف المسروقة من متحف بغداد في 2003، وبعد تدخل الأنتربول سُلّمت القطعة إلى السلطات اللبنانية.
هذه التحفة كان قد اشتراها مهندس ديكور لعرضها في البيت، وهو بالطبع أُعجب بجمالها ودقة نحتها.
المهندسون يبحثون عن قطع فريدة ورائعة الجمال لعرضها في البيوت، ولكن هل يتم إرضاؤهم من خلال سرقة متحف أو نهب موقع أثري مهم؟
سؤال ينتفض بسببه جان كلود ملحمي، مؤكداً «بأنه يرفض أن يشتري أية قطعة مصدرها بلد في حالة حرب. فهو لا يستغل ضعف الشعوب وحاجاتها المادية للوصول الى تحف تاريخهم»، في حين أن إيلي غرزوزي يرى أن ولاءه يأتي أولاً للبنان «فهو يرفض حتى فكرة استعمال قطع فينيقية خارج أراضي الوطن، أما بالنسبة للقطع السورية والتركية... فهي تملأ الأسواق ومشكلة سرقتها أو اكتشافها بالصدفة هي من مسؤولية شعوب تلك الدول».
تتعرض كل الدول الفقيرة لموجة سرقة ونهب مبرمج لآثارها أي تاريخها. فسكان بعض المناطق يدركون بشغف مهندسي الديكور وهواة جمع التحف بالقطع القديمة، فلا يترددون في تلبية حاجة السوق هذه ولو كان ذلك على حساب تاريخهم الذي يجهلونه. وهم يعرفون بأنه يجب أن تحفظ القطع كاملة الشكل ورائعة الجمال وإلا فلن تجد من يشتريها، وبالتالي لا تستأهل العرض في بيوت الأثرياء. هكذا يبدو.
أوليس عــشق مهندسي الديكور «للقطع القـديمة»، «ورائحة التاريخ» له ثمن باهظ تدفعه الحضارات القديمة؟ فكل قطعة معروضة في المنازل يشكل استخراجها تدميراً كاملاً لسياق تاريخي معين... كما لو أن مجزرة تاريخية حصلت في الموقع الـذي تستخـرج منه. فهل الفرح بامتلاك التاريخ وملامسته يكفيان لغض النظر عن الدمار الذي يخلفه
و السلام عليكم